الرئيسة/تقارير إخبارية
الإدارة المدنية: المشروع البديل عن السلطة
أسماء العفيفي - فلسطين نت الإدارة المدنية هي هيئة حكم تابعة لجيش الاحتلال، وتعمل على إدارة شؤون السكان الفلسطينيين في المنطقة (ج) من الضفة الغربية، بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية، وهي المنطقة التابعة لسيطرة الاحتلال مدنيًا وأمنيًا.
وتهتم الإدارة المدنية بالدرجة الأولى بقضايا الأملاك وأملاك الغائبين وتسجيل الأراضي؛ لأنها البوابة التي تتيح لهم التوسع الاستيطاني.
كما كانت تتولى تقديم الخدمات المدنية قبل تأسيس السلطة الفلسطينية، لكنها تخلت عن القسم الأكبر من هذه الخدمات والتي أصبحت اليوم من مسؤولية السلطة، باستثناء الأمور التي تهم الاحتلال ومشاريعه الاستيطانية مثل تنسيق إدخال البضائع لغزة ومنح تراخيص البناء، حيث ترفض أغلب طلبات الترخيص لكي تبقى هذه المناطق (ج) خالية من الفلسطينيين قدر الإمكان.
كما تتولى الإدارة المدنية اليوم عملية منح التصاريح للفلسطينيين (تصاريح العلاج والعمل والتجار) وبطاقات الـ (vip)، وتتعامل من خلال السلطة أو مع المواطنين مباشرة.
نشأة الإدارة المدنية
وفي حديث خاص لـ فلسطين نت، حول نشأة الإدارة المدنية، يقول الباحث محمد حمدان: "بعد توقيع اتفاق أوسلو تبنت المؤسسة الإسرائيلية مشروع حل الدولتين، ولكن في السنوات الأخيرة تراجعت إسرائيل وبدأت في طرح رؤى بديلة، مثل الحل الأردني، والإدارة المحلية للسكان".
وأضاف: "تعتبر هذه المشاريع غير محددة المعالم بعد، ولكنها قائمة على إنتاج قيادة محلية للسكان، وهو ما يعتبر مشروعًا قديمًا طرح في بداية السبعينيات من القرن الماضي، ولكن انتخابات عام ١٩٧٦م لم تفرز القيادة المحلية التي تتماشى مع الطرح الصهيوني، مما أدى لفشل المشروع، فأعقب ذلك أن طرحت إسرائيل بديلا عنه مشروع روابط القرى".
ويتابع حمدان موضحًا أن هذه المشاريع تم إعادة إنتاجها من جديد، وتم تثبيت وقائع على الأرض بحيث تم تقسيم الضفة إلى عدة مناطق: شمال وتشمل نابلس وجنين وبعض مناطق طولكرم، ومنطقة الوسط وتشمل رام الله وبعض مناطق القدس، ومنطقة الجنوب وتشمل بيت لحم ومنطقة الخليل.
كما يجري إعداد قيادات محلية للسكان من بعض رجال الأعمال المرتبطين مصلحيًّا مع الاحتلال، ورؤساء بعض المجالس المحلية الذين جرى ربطهم مباشرة مع الإدارة المدنية بعد إعادة إحيائها من جديد.
سيطرة تحت غطاء مدني
يسيطر الاحتلال على مرافق الحياة اليومية للفلسطينيين في المنطقة (ج)، في عباءة ما يسمى بالإدارة المدنية، حيث بقي للمستوى العسكري دوره الفعال في تحديد خطوط السياسة اليومية.
فيما يقول باحثون إن هذه الإدارة تهدف لتحسين صورة "إسرائيل" أمام العالم، وإعطاء انطباع وكأن هناك (حالة سياسية) في الأراضي الفلسطينية، تبعد الأنظار عن حقيقة وجود احتلال مرفوض من قبل السكان، ووفق القانون الدولي.
ويخضع رئيس الإدارة المدنية لما يُسمى (منسق الأعمال في المناطق)، وهذا الأخير يكون خاضعاً بدوره لسلطة وزير الدفاع في جيش الاحتلال، ويعمل ضمن جهاز كامل مقره مستوطنة "بيت إيل"، ويشغل هذا المنصب حاليًا "يؤاف مردخاي".
وينشر المنسق نشاطات الإدارة المدنية من خلال صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل عقد اجتماعات لرجال الأعمال، وتنسيق إدخال البضائع إلى غزة، ومنح تراخيص البناء في المنطقة (ج)، بالإضافة لبعض المشاريع المشتركة التي ترعاها الإدارة المدنية.
ولكن هل يبحث الاحتلال عن بديل للسلطة رغم نشاطها الأمني الكبير؟ يجيب الباحث محمد حمدان، أن الاحتلال لم يعد يريد حل الدولتين، "وهذا ناتج عن تغيير النخبة السياسية الإسرائيلية لرؤيتها لمستقبل الضفة الغربية، وليس نتيجة تقصير السلطة الفلسطينية".
مردفًا: "على كلٍ لن تستغني إسرائيل عن أجهزة الأمن الفلسطينية ولكنها ستستغني عن المؤسسات السياسية الفلسطينية أو مؤسسات الدولة مثل المجلس التشريعي واللجنة التنفيذية والرئاسة".
مواجهة الإدارة المدنية
وعند سؤال حمدان عن مدى إمكانية حماس محاربة مشروع الإدارة المدنية من خلال المشاركة في الانتخابات البلدية، قال إن ذلك ممكنًا في حال استطاعت الحركة إيجاد توافق وطني واسع معارض لمشاريع الإدارة المدنية.
"وذلك كما استطاعت الحركة الوطنية في السابق مواجهة مشروع الإدارة المدنية عام ١٩٧٦م، من خلال الدفع بشخصيات وطنية استطاعت إفشال هذا المشروع، أو من خلال مواجهة ذلك بتحرك جماهيري أفشل مشروع روابط القرى" على حد قوله.
ويرى حمدان أن مواجهة حماس لهذه المشاريع بصورة منفردة سيكون صعبًا، لأن أصحاب هذه المشاريع سيجدون غطاءً وطنيًا لما يقومون به؛ حيث جرى خلال السنوات الأخيرة إعداد نخبة سياسية اقتصادية قوية مرتبطة بالاحتلال.
ونوه حمدان إلى أنه "يجري الإعداد للكثير من المشاريع الاقتصادية المشتركة بين الاحتلال وهذه النخب، بالإضافة لتواطؤ بعض السياسيين، لذلك يجب العمل على إيجاد تحالف وطني واسع لنزع أي شرعية وطنية عن أصحاب هذه المشاريع".
متعلقات
آخر الأخبار
{{title}}