الرئيسة/تقارير إخبارية

نظام جديد بانتظار طلبة 2017

هل يعد نظام التوجيهي الجديد تطورًا في المنظومة التعليمية الفلسطينية؟

سجود عليوي - فلسطين نت
وأخيرًا أقرت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، نظامًا جديدًا لامتحان الثانوية العامة، هذا القرار الذي تم تداوله على مدار سنة كاملة، أقرته الوزارة منتصف الأسبوع المنصرم.

وتحت شعار تخفيف العبء النفسي عن الطالب، وإزالة الرهبة الاجتماعية المحيطة بنتائج الامتحان، سيتم تقسيم آلية تقديم الامتحان إلى مرحلتين زمنيتين الأولى في شهر 6 والثانية في شهر 8.

وسيكون للطالب حرية اختيار المواد التي سيمتحن فيها بالمرحلة الأولى، على أن يكمل البقية في المرحلة الثانية، ويرى القائمون على هذا النظام أنه بهذه الطريقة يتجاوز الضغوط النفسية والاجتماعية التي تترافق مع الاستعداد لامتحانات التوجيهي، ويحقق قدرًا أعلى من الاستقرار النفسي للطالب.

من بين التعديلات الأخرى التي أفرزها النظام الجديد، هو إفساح المجال للطالب لاختيار 4 مواد من المواد الإجبارية، و2 من المواد الاختيارية، من أصل 8 مواد لاحتسابها ضمن المعدل، على أن ينجح في المواد الـ8 جميعها، أضف إلى ذلك أن الوزارة ستعتمد آلية جديدة لم تحددها في إعلان النتائج "تحفظ خصوصية الطالب" كما ترى.

هذه التعديلات ترافقت مع قرارات خاصة بالمناهج الجديدة، من بينها أنها ستعتمد على الفهم أكثر من الحفظ، وستسعى لإبراز قدرات الطالب الذاتية، وذلك من خلال ملف الإنجاز الخاص بالأنشطة اللامنهجية للطالب في مدرسته، كما ستزاوج الوزارة هذه التعديلات بتدريب المعلمين وتأهيلهم بأنماط التدريس المستحدثة.

ورأى وزير التربية والتعليم صبري صيدم أن "ملف الإنجاز" يعد تطوراً نوعياً لامتحان الثانوية العامة، وسيتضمن ما يقوم به الطالب من أبحاث خلال الصف الحادي عشر، والذي يتم تجميعه وتقييمه من خلال قدرة الطالب على القيادة، والحضور، والعمل ضمن فريق، والإبداع، والمبادرة، وحسن إدارة الوقت.

وكانت الوزارة أعلنت سابقاً أنها ستخضع فئة من الطلبة إلى امتحان ثانوية عامة وفقاً للنظام الحديث، وبناءً على نتائج الفحص ستقرر اعتماد النظام الجديد من عدمه، كما أنها لن تعتمد النظام الجديد إلا بعد جملة من المشاورات مع الأهل، والطلبة، والأساتذة والمشرفيين التربويين، وانطلاقاً من التوافق بين شطري الوطن، ومراعاة التغيير في الظروف الاجتماعية والاقتصادية للطلبة الفلسطينيين في قطاع غزة.

ملاحظات على النظام الجديد

يعد النظام الجديد نقلة نوعية للمنظومة التعليمية الفلسطينية، لكنه رغم ذلك لا يتجاوز فكرة "امتحان التوجيهي"، وإنما يحافظ عليها مع تخفيف العبء النفسي الذي كان يصاحبه، كما أن النظام لم يحدث تغييرًا يذكر فيما يتعلق بتخصصات الامتحان من علمي، وأدبي، وتجاري، وصناعي، وفندقي، فما زالت هذه التصنيفات قائمةً حتى اللحظة.

ويرى الدكتور حسن عبد الكريم، عميد كلية التربية بجامعة بيرزيت، أن نظام الثانوية العامة الجديد هو "تكريس لتوجهات القياس والتقويم التقليدية، ولا يحمل كثيرًا من التطورات التربوية الواعدة أو الجديدة، خاصةً أن النظام غير واقعي لأسباب عدة، من بينها أن الخطة الأولية له أن يكون نظامًا محوسبًا، ثم ما لبثت الوزارة أن تراجعت عن هذه الخطة لعدم وجود الإمكانيات اللازمة لها".

ويتابع عبد الكريم: "كما أن مشروع القرار الأولي اقترح ثلاث جلسات للامتحانات، مقسمة بين أشهر 6و8، وثالثة في شهر 12 استكمالية، لكن ما آلت إليه الأمور هو جلستين فقط في شهري حزيران وآب؛ لأن  الجامعات لن تنتظر كثيرًا إذ إنها تتنافس على قبول الطلبة لأن أقساطهم هي مصدر الدخل الأساسي، بعد تخلي الحكومة الفلسطينية عن واجبها تجاه الجامعات". 

وحول ملف الإنجاز الذي يعد "قنبلة" النظام الجديد، أشار عبد الكريم إلى أنه يعد توجهًا تربويًا جيدًا، يبرز ميول الطالب ومواهبه وشخصيته، "ولكنه رغم ذلك يعاني من مشاكل مثل آلية التصحيح التي ستتم من قبل لجان تربوية محلية، مما سيزيد عامل الذاتية على حساب موضوعية ودقة التصحيح (التحيز)"، ناهيك عن أن المعلمين غير مؤهلين وليس لديهم المعرفة الكافية بملف الإنجاز، وثقافته متصلة بما يعرف بالتقويم الأصيل (أو التقويم الحقيقي) الذي لا يطبقه المعلمون، لذلك من المتوقع التراجع عنه كما تم التراجع عن الفترات الثلاث وعن الإمتحان المحوسب، على حد قوله. 

ونوه المحاضر عبد الكريم في نهاية حديثه إلى أن المطلوب هو تطوير نظام التوجيهي الحالي وتحسين نوعية الأسئلة، وتحرير التعليم من قبل الأحزاب السياسية، والاستماع إلى صوت التربويين، ومن بينهم كليات التربية في الجامعات الفلسطينية وغير ذلك، فهي جهود "مشكوك في رغبتها بتحقيق إصلاح تربوي حقيقي"، وبحاجة إلى مد جسور من الثقة المتينة بين الوزارة وجيشها الكبير"المعلمين"، وإعادة الهيبة والكرامة لهم، والتعاون معهم في الأنظمة المستحدثة؛ لكي نصل إلى أساس تربوي ومثالي للعملية التعليمية.

أما المحاضرة الجامعية والمدربة أسماء الشرباتي، فقد عبرت عن رأيها بالنظام الجديد بالقول: "الكلام في موضوع امتحانات التوجيهي الجديدة، وتقييم مستويات التفكير العليا جميل، أتمنى أن يكون الفعل كذلك أيضا!، رغم أن طريقة التغيير لا توحي بالكثير من التفاؤل، خصوصًا وأن التعديلات تركزت على الشكل أكثر من المضمون"

وتساءلت الشرباتي قائلة: "كيف من الممكن أن أقيم الطالب في التحليل، وأطالبه بامتلاك القدرة على حل المشكلات في الامتحان، والمناهج نفسها لم تبن على هذه المهارة؟ والسؤال الأهم هل تأهل المدرسون لهذا النمط؟"، مستدركةً فيما بعد: "الكلام جميل وأتمنى أن يكون الفعل كذلك".
 
الأساتذة والأهالي
وباعتبار الأساتذة هم المرجع البشري في تنفيذ هذا النظام، حاولت "فلسطين نت" الوصول إلى عدد منهم لاستطلاع آرائهم حول النظام الجديد، وقد كانت إجابتهم تتراوح بين رفض الحديث، أو الاعتذار بعدم وضوح الأمور وضبابيتها، خاصةً أن العام الدراسي الجديد لم يبدأ بعد، ولم يتم الإطلاع على قرارات مديريات التربية الموجهة إلى المدارس والمعلمين، كما أن دورات التدريب على المنهاج الجديد اقتصرت على معلمي صفوف الأول الأساسي وحتى السادس، فيما بقي معلمو المرحلة الثانوية بانتظار ما يردهم من كتب وتعليمات.

و فيما يتعلق بالأهالي، فقد أشار الوالد سعيد صيداوي إلى أنه تواصل بشكل شخصي مع بعض الأساتذة المشرفين على المرحلة الثانوية، والذين أكدوا اقتصار المعلومات المتوافرة لديهم على تلك المتناقلة عبر وسائل الإعلام، فيما ذهبت محاولته للاستفسار عن طريق مديرية التربية والتعليم أدراج الرياح، حيث تم التأكيد على أن التعليمات تصل للأهالي عن طريق المدارس وليس بشكل مباشر من خلال مديريات التربية.

وعبر صيداوي عن سعادته الممزوجة بالحذر من النظام التعليمي الجديد، متوقعًا أن يكون بإمكانه حث ابنه أحمد على تحقيق مزيد من التفوق في المرحلة الثانوية، حيث قال: "نحن نعلم أن امتحان التوجيهي هو كأي مرحلة تعليمية أخرى في الحياة، لكن الضغط المجتمعي ونظرات الأقارب وطبيعة المقارنة بين الطلبة، تزيد من حجم الإرهاق النفسي على الطالب وأهله، إضافةً إلى أسلوب إعلان النتائج، وقيام الوزارة بتغيير هذا الأسلوب أو عقد الامتحان على دفعتين لا شك سيكون له أثر إيجابي، زد على ذلك تقليص المواد التعليمية وإدخال الأنشطة إلى التعليم".

من ناحيتها عبرت الطالبة رغد الوادي عن ارتياحها للنظام الجديد، معتبرةً أن تطبيقه هذا العام سيعني مزيدًا من التفهم وتخفيف صعوبة الامتحان على الطالب؛ لأنه "جديد ع الجو"، وترى الوادي أنها شعرت بالسعادة هي ورفيقاتها عندما تم إقرار النظام الجديد، خصوصاً أن الإشاعات تظهر كل عام عن رغبة الوزارة في إنهاء نظام التوجيهي لكنها لا تتحقق، وفي أفضل الأحوال فإن ما تحقق هو تغيير النظام على الأقل.

التوافق ونظام التوجيهي الجديد

وتشير تقارير صحفية متواترة إلى أن تغييرات حثيثة ما زالت تجري على النظام الجديد، بحيث يحقق أعلى إنسجام بين ظروف الطلبة في قطاع غزة وظروفهم في الضفة الغربية، فحتى الآن تم إلغاء عدد من المقررات الدراسية، وإعادة تموضع مواد الاحياء والكيمياء بالنسبة للفرع العلمي، وإقرار تعديلات جديدة للفرع الشرعي، وتجميد قسم الريادة والأعمال، وتحديد الظروف الخاصة التي تسمح للطالب بإعادة جميع المواد في الدورة الثانية مثل وفاة قريب من الدرجة الأولى، أو الاعتقال، أو الإصابة بمرض أو حادث سير يحول دون إتمام الامتحان.

ومن الملاحظ أن وزارة التربية والتعليم توافقت مع مقترحات مديريات قطاع غزة، وعمدت إلى  تغيير مقترحات النظام بما يتوافق مع الوضع فيه، حيث أعلن وكيل وزارة التربية والتعليم في القطاع زياد ثابت أن الوزارة وافقت على تغيير ما نسبته 80% من المقترح وفقاً للملاحظات التي قدمها القطاع، وكان ثابت قد نوه إلى حاجة القطاع للمساواة مع الضفة الغربية، من حيث المنح الخارجية والزيادات والعلاوات وتوظيف كادر تعليمي بما يتناسب والحاجة المتزايده له.

متعلقات


آخر الأخبار

جميع الحقوق محفوظة ©2017 فلسطين.نت